كيف وُطّنت "عودة الأوبرا دِن" إلى العربية


"عام 1802، أبحرت سفينة الأوبرا دن من لندن قاصدة الشرق وعلى متنها ما يربو عن 200 طن من البضائع التجارية. وعقب انقضاء نصف عام لم تبلغ فيه وجهتها في رأس الرجاء الصالح، أعلن أنها جامحة في عرض البحر.
في فجر صباح يومنا هذا، الـ14 من أكتوبر عام 1807، ساقت الأمواج الأوبرا دن لمرسى فالموث بأشرعة محطمة وبلا طاقم على متنها. بصفتك مفتش التأمينات للفرع اللندني من شركة الهند الشرقية، عليك الارتحال إلى فالموث حالًا وإيجاد سبيل للصعود على متن السفينة وإعداد تقرير بالأضرار."


أنماط "عودة الأوبرا دن" البصرية

اللعبة تستخدم لونين فقط، الأبيض والأسود - مع إمكانية تغييرهما - ودقة عرض منخفضة. هذا التوجه الفني متعمد ومقصود، إذ إنه مستلهم من ألعاب المغامرة والألغاز القديمة للحاسب، فلا مبالغة في قول أن العنصرين ما يصنعان هويتها الفنية ومظهرها المتميز.

ترتب علينا احترام الاتجاه الفني للعبة والتقيد به أثناء العمل على الجانب التقني واللغوي من المشروع. تناقشنا مع المطور في الحلول الممكنة، ومن بين جملة اقتراحات عدة استقرينا على حل تقني ملائم ومعقول من ناحية الوقت والجهد.

 عودة الأوبرا دِن هي مغامرة غموض من منظور الشخص الأول مبنية على الاستكشاف والاستنتاج المنطقي، وقد تكون أكثر لعبة تحدتنا تقنيّا ولغويّا بمسيرتنا حتى اللحظة! كيف ذلك؟ لنر:

 

أولًا - الألوان:

يتكون كل نمط بصري للعبة من لونين، لون أساسي ولون ثانوي. لكن ماذا عن الألوان الأخرى، مثل رمادي الظلال؟ نحصل عليها بطريقة ال‍ Dithering، وتكون بالتنقيط فوق المساحات حسب أشكال معينة، وتحدد كثافة النقاط وترتيبها درجة إضاءة اللون الوهمي لتلك المساحة. الطريقة ليست غريبة عن أجهزة الكمبيوتر القديمة محدودة الألوان والقدرات.


أمثلة عن تقنية ال‍Dithering وأنماطها... ولعلها مرت عليكم في ألعاب، مسلسلات، أو حتى رسمات سابقًا!
 

ما دخل درس التظليل هذا في تعريب اللعبة إذن؟ دخله كبير في الواقع!

في بداية عودة الأوبرا دن يُعطى كتاب لتسجيل كل المصاير التي ألمت بركاب السفينة المنكوبة. ذلك الكتاب هو ميكانيكية اللعب الرئيسية، عبره يتقدم اللاعبون في حل لغزها، ووضوح محتواه ضرورة لإكمال اللعبة.

نصوص هذا الكتاب غزيرة في النسخة الإنجليزية، واستخدم خطين أساسيين متوسطي الثخانة (واحد طباعي وآخر يدوي) بأبعاد متفاوتة بين الصغير والكبير حسب السياق. الخط الإنجليزي الرئيسي من حقبة طباعية هاجسها أن يكون الحرف بارزا، ويلاحظ ذلك من الأرقام المكتوبة على الطريقة القديمة بالنوازل، ومن عيون الحروف الكبيرة، والحليات (السيريف) البارزة.

الكتاب الإنجليزي

لكن ما يناسب الإنجليزية لا يناسب العربية بالضرورة.

بادئًا، فالعربية لغة بها 28 حرفا (وأكثر باحتساب الهمزات والثنائيات) لكن أشكال الحروف الفريدة 18 ولا يميزها إلا الإعجام، أي النقاط على الحروف التي تحدد هل الرمز "ى‍" يقرأ "ب"/"ت"/"ث"/"ن"/"ي"/"ئ"... حتى الأشكال المختلفة مثل "سـ"/"ىـ" قد تظهر فيها جوانب شبه لم نتوقعها!
كي نضمن وضوح النص للاعبين، وتتيسر قراءة الحروف العربية، من الضروري أن تظل هذه الاختلافات بين الحروف واضحة. لكن نفس ارتفاع المربع (Em) الذي يشغله الحرف الإنجليزي لا يتسع للحرف العربي الذي صواعده ونوازله تطول، إلا لو صار الحرف العربي أصغر حجما. صغر الحجم يؤدي لنقاط رمادية تعوضها اللعبة بمساحات منقطة، وأظنكم تتذكرون درس التظليل...؟
نتيجة ذلك نقاط لا تدري أهي تظليل أم إعجام أم رأس حرف، تشوه نصا تعرض للتقزيم أساسا.

الاستنتاج واضح: مجرد وضع أي خط وتجاهل عيوبه ليس بالحل المقبول.
نولي كيف تظهر ترجمتنا في في مشاريعنا أولوية كبرى، ليس في المضمون فحسب، بل حتى الشكل. وكان هذا التحدي الجديد موضوع نقاشات لنا مع المطور.


من بين الحلول التي نوقشت استعمال خطوط بكسلية، أو خطوط تروتايب تتضمن معلومات hinting ترغمها على احترام خانة نقاط معينة مع بعض الأحجام الصغيرة، لكننا استنتجنا أن الحلول الجاهزة لن تناسب متطلبات المشروع العديدة. فاللعبة تظهر الخط بأحجام متفاوتة حسب السياق وأحيانا يظهر النص فوق مساحات شفافة منقطة هي الأخرى.

خلصنا في النهاية إلى مزيج من عدة حلول. بدءًا باختبارنا بكثافة لجل سياقات ظهور النص في شاشات اللعبة، ثم تغيير المطور لتنسيق بعض الواجهات لزيادة حجم الخط بنسبة 110% وأحيانا تغيير مكان النصوص بمراعاة المسافة بين الأسطر ووضوح النصوص. وأخيرا، غيرنا من جانبنا على تصميم الخطوط نفسها لنبالغ في توضيح بعض أشكال الحروف.

 

ثانيًا - الخطوط:

اختيارات الخطوط مثل غيرها من الاختيارات الفنية، معادلة صعبة بين ما تفرضه التقنية وبين ما يطلبه الطموح لإعطاء توجه اللعبة الفني حقه كاملًا. وكي لا ينقص تجربة اللاعب العربي شيء من الانغماس، توجب ألا نرتاح مع أبسط حل وأول خط "شبه" مناسب نجده.

بدايةً، توجب علينا إيجاد خطين يناسبان حقبة القصة الزمنية ليستعملا في القوائم، الحوارات، ونصوص الكتاب.
كانت بوصلتنا في البحث عنهما هذه العناصر:
- مواءمتهما لجو اللعبة وحقبتها الزمنية
- خط يدوي يلائم أسلوب كتابة المذكرات الملاحية، خط متوازن بين كتابة يدوية راقية وتدوين مستعجل للضروريات
- خط طباعي يلائم مسبك مطابع مبكر تركيزه وضوح المحارف

رسونا على خطي "الأميري" و "رقعة ليلى" في نهاية المطاف. 

 

حتى قبل أن نفكر بمسألة وضوح الخط وجمالياته، كان الهاجس الأول كيف نظهره من الأساس.

نحن نهتم بخطوط مستلهمة من التراث العربي العريق للخطوط لتحقيق كامل جماليتها. لا يتحقق هذا مع الخطوط العادية، بل يتطلب خطوطا ومحركات نصوص تدعم تصفيف OpenType، الذي يعطي تحكما واسعا في كيفية ظهور الحروف. إلا أن أكثر محركات الألعاب تكتفي بإظهار الحروف مربعات بجانب بعضها على نفس الاستقامة.

هذا كاف للعربية، لو اكتفينا بالتعامل مع خطوط طباعية. إلا أنه غير كاف للخطوط التي اخترناها.

وبالفعل، واجهنا مشاكل عرض جمة معهما على محرك يونيتي الذي لا يدعم أوبن تايب. في بادئ الأمر، رفضت اللعبة إظهار أي حرف عربي منهما ولم يكن مطروحا إضافة دعم كامل لأوبن تايب لأجل المشروع، ولا أن ننتج خطا جديدا يستوفي تلك المعايير النادرة تلك ويناسب المحرك تقنيّا - لا من ناحية الوقت ولا الميزانية.

الاختيار صعب، هل نتخلى عن الأمانة الجمالية ونستخدم خطا معاصرا عشوائيا دعمه أسهل؟ أم نضيع الوقت على كماليات لا تراعي جوانب أخرى من المشروع؟

أمثلة على ميزات أوبن تايب، وقد حاولنا تقليدها بطرق أخرى لتحقيق مردود بصري مشابه

بعد التفكير في الموضوع خارج الصندوق قليلًا وتقديم بعض التنازلات التقنية، لقينا حلّا في الوسط. عندما عدلنا من نظرتنا توضح لنا طريق جديد لتحقيق أهداف الجمالية المطلوبة دون تأخير المشروع!

فعلى سبيل المثال، لم نحتج لبعض الميزات لأنها تضر بوضوح النص وبساطة تباين الحروف عن بعضها حتى تتضح للاعبين. الثنائيات السياقية (مثل "فـي" التي تكتب "ﰲ" حرفا واحدا) وتشكيل الحروف، ولا ننسى الأرقام العربية الهندية التي - عدا عدم ملائمتها لسياق القصة - قد تربك اللاعب فيخلطها مع النقاط والحروف! لكن بعضها الآخر كالتشابك وارتفاع بداية الحرف ظل ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها.

لذلك، حققنا نتيجة قريبة بصريا من تلك الميزات، بتعديل كثيف على الخطين المختارين حيث بالغنا في إبراز العيون والأسنان وتقارب الارتفاعات وأشكال المحارف. وأجرينا مع المطور تجارب عديدة لإظهارها والأخذ بما يناسب مقاس اللعبة التقني بالضبط، واخترنا فقط أفضلها كي يراها اللاعب العربي.

مع أن هذا وليد تنازلات تقنية، إلا أنه نجح في تحقيق الأهداف الفنية، لدرجة أن البعض قارنوه بطريقة طباعة الحروف في الجرائد القديمة. ووجه الشبه مفهوم وإن لم نتعمده (ويا ليتنا كنا بالروعة التي تصورها من ظن ذلك!)، فرواد الطباعة العربية واجهوا نفس التحديات، ومن الطبيعي أن أهدافنا مع حالتنا كررت نفس لحظات التجارب والاكتشاف وأعادت روح الحقبة في جانب لم نتوقعه في المشروع.


ثالثًا - المحرك:

مربط فرس الحديث عن كل تعريب، وأصل الكثير من الخرافات والمعلومات المغلوطة التي انتشرت ضمن مجتمع اللاعبين العربي بخصوص دعم العربية! موضوع ملعون بكل معنى الكلمة.
عملية إضافة العربية في المحركات التي لا تدعمها رسميا قد تنتهي بكارثة ما لم يشارك في المشروع متحدث للعربية على أقل تقدير، ومبرمج له خبرة في دعم العربية في أحسن تقدير.

في حالة عودة الأوبرا دِن، اللعبة تستعمل محرك Unity. ويتضمن هذا المحرك محركا بدائيا للنصوص (TextUI) لا يدعم العربية، بل واكتشفنا أنه لا يعطي اللاتينية نفسها حقها في نواح عدة مثل تشابك الحروف. هذه من عيوب هذا المحرك مقارنة بمعظم المحركات الحديثة للألعاب التي تدعم العربية جزئيّا أو كليّا كأنريل وغودوت.
إلا أن دعم العربية حتى على المحركات التي لا تدعمها رسميا غير مستحيل، بل يمكن إضافته عادة عبر ملحقات خارجية من تطوير مبرمجين مستقلين، واستعمالها رائج بين المطورين.

قد يظن اللاعبون أن تغيير المحرك هو الحل السحري (رغم أنه سيتطلب إعادة صنع اللعبة). أو تغيير الملحقة الخارجية. لكن هل المسألة بهذه البساطة؟ الجواب كالعادة هو لا.


يستخدم  دعم اللغات غير اللاتينية في العديد من الألعاب الأخرى خطوطا ومسافات تتعارض مع مظهر بقية اللعبة، خاصة في ألعاب البكسل آرت، وحالة عودة الأوبرا دن لها شروط مميزة كذلك. ليس ذلك بأقصر حل، لكننا استطعنا مع المطور عبور مجاهله والوصول إلى غايتنا بنجاح.

مثال عن الكوارث الممكنة - هذه أول تجربة لدعم العربية في الأوبرا دن.
لم يكتف التعريب بكسر محرك عرض النصوص فحسب، بل تمرد على حدوده وكسر اللعبة بأكملها! مبهر.


لذا، وبعد توضح تقيدنا بمحرك يونيتي وملحقته الأساسية للنص، بدأنا كما اعتدنا مع المحركات ذات دعم العربية المحدود، وعرضنا حل تزييف ظهور العربية. الحل لا يتطلب تغيير البرمجة ولا دعم المحرك للعربية، ويتمثل في إعداد النص العربي وتحويله سلفًا لحل مشاكل ترابط الحروف وترتيبها. أيا كان المحرك، فسيظهرها.

هذا الحل السريع الذي استخدمناه مع العديد من المشاريع في نشاطنا الهاوي والرسمي على حد السواء، ومع أنه لا يناسب بعض الحالات كالنص التفاعلي، إلا أنه يوفر على فرق التطوير الوقت والجهد.
في مرحلة أولى، توجب إظهار النص العربي أولا في اللعبة، فناقشناه مع لوكاس، وجربناه. لكن المفاجأة كانت أنه عوض ذلك كتب خصيصا برمجة لدعم العربية غيرت ملحقة يونيتي الأساسية نفسها وأغنتنا عن مرحلة إعداد النص العربي بحلولنا الداخلية!

 
سبب اختياره دعم العربية من الصفر كان بالأساس تعارض ملحقات Unity غير الرسمية مع هوية اللعبة البصرية، ولكن جزءا من حافزه كان تجربة تحد جديد (رغم نصائحنا بتجنب هذه المعركة).

دعم كامل للعربية على مستوى المحرك، لكن بأي ثمن...؟
لا تجربوا هذا في المنزل.


لم يخل إضافة دعم العربية على مستوى المحرك من المشاكل التي لم تكن في الحسبان. الكثير من التفاصيل التي قد تغيب عن اللاعب تحتاج لإعادة تفكير جذرية في طريقة برمجة الألعاب عندما يتغير اتجاه النص عرض من اليسار إلى اليمين، عودات السطور وإزاحات بداية الفقرات وحتى تشابكات الحروف. ولا ننسى تنسيق الواجهات البصرية كي تبدأ من اليمين في موضع مناسب.

أما منطق ترابط الحروف العربية، فقد ناقشناه بناء على خبرتنا في كتابة خوارزميات تحويل النصوص العربية لحالات سابقة، وقد صار محرك اللعبة يتولاه ولم يعد هاجسا لنا. هذا وقد أضيفت للعربية خصيصا حالات إضافية تراعي أنها تحدد لشخصية اللاعبين جنسا معلوما بضمير المخاطَب.

التحدي الأغرب كان نصا تجتمع فيه العربية والإنجليزية والهندية الدافنغارية والروسية في نفس الشاشة. إذ إن أقوال طاقم السفينة الأجنبي تكتب بحروف لغاتهم الأصلية مع ترجمات عربية. نظرنا في الأمر من منظور اللاعب العربي الذي يقرأ تلك اللغات، وعلاوة على دعم اتجاه ثنائي للنص (BiDi) أعاد لوكاس برمجة تلك الشاشة كي تتوضح الفواصل بين الجمل أكثر، وتلك ميزة أخرى طورت خصيصًا للعربية.

رغم صعوبة دعم العربية على مستوى المحرك بدل دعمها جزئيا بحلولنا، أنتج لوكاس دعما ممتازا للعربية مما سهل علينا جدا التعامل مع النصوص مختلطة اللغات، أكواد اللعبة البرمجية، وتنسيق الواجهات. خفض هذا من الوقت المطلوب لاختبار المشروع بشدة وأزال الكثير من الحمل علينا، فشكرًا له!

 

مع ذلك سنستمر بنصح المطورين بتزييف دعم العربية رحمة بصحتهم :)


رابعًا -  الترجمة:

أسهبنا حتى الآن في الحديث عن الشكل، فلنحك عن المضمون!
عودة الأوبرا دن لعبة "ألغاز واستنتاج منطقي" كما يصفها المطور، حيث يتوجب عليك استنتاج هويات ركاب السفينة وماذا حل بهم، كيفية موتهم، ومن قاتلهم، بعد أن تشهد لحظاتهم الأخيرة وتربط الخيوط ببعضها البعض. لتحقيق هذا، يوجد نظام "بناء جمل" يحدد فيه اللاعب:

- من تكون الضحية
- كيف ماتت
- من قاتلها (إن لم تمت نتيجة حادث/تنتحر)

نظام بناء الجمل في عودة الأوبرا دن في حلة عربية تحترم قواعد النحو للجنس والعدد!


منذ بداية المشروع وحتى نهايته، ركزنا على 3 عناصر رئيسية:
① - توظيف سجل لغوي ومفردات مناسبين لحقبة القصة
- توطين لهجات الشخصيات بتنوع في "صوتها"
-
ترجمة طرق الموت بدقة 

سنتحدث باختصار عن أهمية كل منها، ولِمَ أعرناها اهتماما خاصا في هذا المشروع بالذات.

السجل اللغوي والمفردات 📜

تدور أحداث عودة الأوبرا دن ما بين عامي 1803 و 1807 في أواخر حقبة إنجلترا الجورجية، وتوجب نقل هذا الجو ليقنع اللاعب أنه يعيش فعلًا في تلك الحقبة. لهذا، مع كل سطر وحوار سألنا أنفسنا:

"كيف كانت هذه الشخصية لتتكلم لو كُتبت القصة بالعربية؟" "أي لهجة كانت لتستعمل؟" "هل ستتكلم بعربية فصيحة خالية من الشوائب، أو عربية مكسورة لأنها أجنبية، أو عربية مختلطة بالعامية لدنو مقامها في المجتمع؟"
أضفى هذا نفحة أدبية غير متوقعة، تُلاحظ بكل النصوص، قوائما وشروحات لعب وحتى حوارات.


ديباجة سجل المغامرات والمآسي

② توطين لهجات الكلام المتنوعة 🔊

استنتاج أسماء الشخصيات حاجة أساسية للاعب، ويعتمد كثيرا على تلميحين: لكنة الشخصية ولهجتها، ثم مقارنة الاثنين ببلدها في قائمة أسماء الركاب.
مراعاة لهذا، نوعنا في الترجمة من طرق كلامهم، حسب البلد واللكنة كما في نص الأصل: الملاح، القروي، الناطق بعربية مكسورة...


أضيفت في النسخة العربية حالات برمجية لجنس اللاعب وركّاب الأوبرا دن، مما أفسح آفاقا تعبيرية كبيرة لا تتوفر عادة لمترجمي الألعاب

أغلب الجمهور العربي غريب على هذا اللون من التوطين، وقد يحسبه غلطة أو ترجمة سيئة في كثير من الأحيان. سبب ذلك يعود بالأساس لكوننا في بدايات حركة تعريب الألعاب، فكل اللغات تعاني قبل أن تصل لمستوى توطين ثابث (انظر: مستوى صناعة توطين الألعاب للإنجليزية في الثمانينات مقارنة بمستواها في التسعينات).
الترجمات العربية للألعاب حاليًّا تحافظ على مستوى واحد من اللغة وهو العربية القياسية الحديثة - فتجد أسلوب حديث الملك والشحاذ سواءً في مثل هذه الترجمات، وهذا خطأ اقتنع اللاعبون أنه صواب من فرط تعودهم عليه.

أسباب هذا المعيار لترجمات الألعاب كثيرة، تتراوح بين:

- قلة التواصل بين المطور وفريق الترجمة مما يؤدي لقلة السياق
- تفاوت مستوى المترجمين العاملين على المشروع مما يجبر مدير المشروع على الحفاظ متوسط لغوي يستطيع كل المترجمون بلوغه (لهذا لا تستغرب إن رأيت ترجمة ممتازة في لعبة وبعدها ترجمة تكاد تكون غير مفهومة، هذا يعني أن مدير المشروع لم يطلب من المترجمين توحيد أساليبهم!)
- ضعف المحرر/المدقق لغويّا أو انشغاله بكم غير معقول من النصوص
- استعمال ترجمات الآلة وتصحيحها بدل استعمال ترجمات آدمية
- العمل على كم هائل من النصوص طوال الوقت، وهذا شائع في وكالات الترجمة، مما يصعب بذل الوقت الكافي لإعطاء كل مشروع الوقت الذي يحتاجه

باختصار: هذه أكثر طريقة مملة للترجمة - للاعب والمترجم، ولا تعطي أي قصة حقها. سنراها تندثر لحسن الحظ مع نضوج ساحة التعريب شيئًا فشيئًا.
لا نعاني من معظم هذه المشاكل لأننا فريق صغير يصب كل تركيزه على كل مشروع على حدة. لذلك نحاول دائمًا الترجمة اتباعا لمعايير كتابة المشروع نفسه بلا تبسيط يفسد كتابة النص ولا تعقيد يصعبه، ونتمنى أننا وفقنا في تعويد الجمهور العربي على مستوى جديد من التوطين في عودة الأوبرا دن وغيرها من المشاريع!

 

③ ترجمة طُرق الموت بدقة وعناية 💀

طرق الموت المختلفة - روجعت عدة مرات أثناء الاختبار لضمان أمانتها وقدرة اللاعبين على فهمها
 
لكل شخصية جملة تعبر عن مصيرها، يختار اللاعب كلماتها لحل اللغز. حظي اختيار الأفعال التي تصف الميتات بعناية خاصة  لأجل الاختصار والوضوح والدقة مع الحفاظ على أسلوب اللعبة اللغوي كما أراده المطور. تم ذلك لأنه رغم توفر حلول عديدة لبعض الميتات، إلا أنها عادة مميزة جدا وتتطلب أدق مصطلح لوصفها.


ختاما، كنا متشوقين للحظة التي يرى فيها الجمهور العربي هذه اللعبة الممتازة بحلتها العربية الجديدة ويكتشف الجهد المبذول فيها، وسعيد وممتن جدا لفرصة رائعة ومبدعين أروع رافقونا في الطريق إلى هذا.

عودة الأوبرا دن أول عمل يقدمه مطوره باللغة العربية، ونتمنى أن يدعم الجمهور هذه البادرة لتشجيعه وغيره على دعم العربية مستقبلًا!

عودة الأوبرا دن متوفرة بالعربية على الـPC عبر المتاجر التالية:

شكرًا على القراءة! لأي أسئلة أو استفسارات بخصوص محتوى المقالة، يمكنكم ذكر كاتبيها على تويتر مع أسئلتكم:
 
 
حتى التدوينة التالية، مع السلامة!